من مذكرات طالب علم في النجف الأشرف ...
( كُتبت هذه المقالة بتاريخ : ٢٠١٦/١٢/٢٤ )
#38من مذكرات طالب علم في النجف الأشرف ...
#Ailia_Emame : الكاتب
_________________
عندما نصحني السيد السيستاني :
المرة الأولى التي نشأ عندي فيها تعلق شديد بالدين والعلماء هي في مرحلة السادس الإبتدائي عام 1995 .. وكان ذلك مقروناً بمعرفتي للسيد السيستاني من خلال كتاب ( الفتاوى الميسرة ) الذي ألفه _ وفقاً لفتاوى سماحة السيد دام ظله _ السيد عبد الهادي محمد تقي الحكيم حفظه الله في زنزانته في سجن أبي غريب وهربه عن طريق زوجته وأطفاله .
ومنذ ذلك الحين أصبحت أرى بالإضافة الى والدي حفظه الله ومالقيته من عطفه وإرشاده .. أن هناك أباً ومرشداً آخر تجسده حواريات هذا الكتاب وهو السيد دام ظله .
كبرت وأنا أرى وأشعر أن سماحته بمنزلة الوالد .. ومرت بعدها خمس سنين عجاف أحاطتني فيها بيئة الشبهات حول سماحته والتشكيك والاقاويل الكاذبة .. وكان المحيط الذي أعيش فيه مشبعاً بها تماماً .. ولكن الله وحده يعلم أنها لم تهز من كياني وثقتي بنائب الإمام شعرة واحدة .. حتى أني الآن أتفكر بين حين وآخر وأسأل نفسي كيف إستطاع ذلك الصبي الصغير أن ينجو من المحيط الذي كان مطبقاً عليه تماماً وخرج من دون أن تلوثه ولو فكرة واحدة من تلك الأفكار التي كانت تهتك حرمة العلماء !! فأعود وأشكر الله على نعمة الثبات والهداية .
وتشرفت بدخول الحوزة .. وذلك الحب والتعلق نفسه ملازم لي .. ولذلك كنت ربما أفرط كثيراً في الذهاب الى سماحة السيد _ إما شوقاً أو تعلماً _ وتقبيل يده والسلام عليه وسؤاله عن مختلف المسائل ( والتي كانت على قدر عقلي في ذلك الحين ) ولكن سماحته لم يتردد يوماً في الإجابة والتوضيح مهما كان السؤال بسيطا .. لأنه كان يتكلم من منطلق العطف وليس الإفتاء ..
حتى أني كنت لخجلي اتكلم بصوت منخفض ونبرة خافته .. فكان يضطر للإتكاء الى جهتي ويضع يده خلف أذنه ويقول : بني تكلم بصوت مرتفع لأفهم سؤالك .
(( وللعلم .. كان يجلس في نفس المكان الذي تظهره هذه الصورة المرفقة .. في البراني المسقوف بالخشب ماقبل التوسعة .. ونفس ذلك المصحف الشريف الظاهر في الصورة كان يستخير به للناس ))
وفي يوم من الأيام .. تبين لي أن السيد حفظه الله قد ( رصد ) وضعي بشكل كامل وقرأ شخصيتي .. ولكنه كما هو المعروف عنه .. عميق جداً ينتظر الوقت المناسب ليتكلم .. سواء على مستوى فرد محدد أو أمة كاملة .
وحان الوقت .. عندما سلمت عليه وقبلت يده وسألته : سيدنا أنا طالب علم في النجف الأشرف وألتمس منكم الوصية والارشاد .
فقال سماحته : بني تعلم الإنكباب على درسك والأنس به .. ولاتفرط به وتقدم غيره من الأمور مهما حصل .. وحتى مجيئك الى براني سيد علي السيستاني إذا كان يؤثر على درسك ومطالعتك فلا تأت .. لأن درسك أهم ..
صهرتني هذه الكلمات بالكامل .. وعرفت حرصه الشديد على مستقبلي .. ولو بأن يحرمني من رؤيته .. فقمت بين متأسف لهذا الشرط الثقيل وعازم على تنفيذ وصيته .. والحقيقة أن بعض علامات التأثر ( مقدمات البكاء ) قد بانت على ملامحي .. ونهضت على هذه الحالة وأردت أن اتراجع للوراء وانصرف .. فناداني سماحته مرة أخرى : بني تعال .
رجعت للجلوس .. فتبسم إبتسامة خفيفة وأمسك بشيبته المباركة وقال : ياولدي .. أنت الآن في نعمة لاتعرف قدرها .. وعندما تصبح بعمري هذا ستعرف كم هي نعمة عظيمة وإذا لم تستغلها بالشكل الصحيح ستندم كثيراً .. وهي نعمة الشباب .
https://t.me/AiliaEmame1185
#38من مذكرات طالب علم في النجف الأشرف ...
#Ailia_Emame : الكاتب
_________________
عندما نصحني السيد السيستاني :
المرة الأولى التي نشأ عندي فيها تعلق شديد بالدين والعلماء هي في مرحلة السادس الإبتدائي عام 1995 .. وكان ذلك مقروناً بمعرفتي للسيد السيستاني من خلال كتاب ( الفتاوى الميسرة ) الذي ألفه _ وفقاً لفتاوى سماحة السيد دام ظله _ السيد عبد الهادي محمد تقي الحكيم حفظه الله في زنزانته في سجن أبي غريب وهربه عن طريق زوجته وأطفاله .
ومنذ ذلك الحين أصبحت أرى بالإضافة الى والدي حفظه الله ومالقيته من عطفه وإرشاده .. أن هناك أباً ومرشداً آخر تجسده حواريات هذا الكتاب وهو السيد دام ظله .
كبرت وأنا أرى وأشعر أن سماحته بمنزلة الوالد .. ومرت بعدها خمس سنين عجاف أحاطتني فيها بيئة الشبهات حول سماحته والتشكيك والاقاويل الكاذبة .. وكان المحيط الذي أعيش فيه مشبعاً بها تماماً .. ولكن الله وحده يعلم أنها لم تهز من كياني وثقتي بنائب الإمام شعرة واحدة .. حتى أني الآن أتفكر بين حين وآخر وأسأل نفسي كيف إستطاع ذلك الصبي الصغير أن ينجو من المحيط الذي كان مطبقاً عليه تماماً وخرج من دون أن تلوثه ولو فكرة واحدة من تلك الأفكار التي كانت تهتك حرمة العلماء !! فأعود وأشكر الله على نعمة الثبات والهداية .
وتشرفت بدخول الحوزة .. وذلك الحب والتعلق نفسه ملازم لي .. ولذلك كنت ربما أفرط كثيراً في الذهاب الى سماحة السيد _ إما شوقاً أو تعلماً _ وتقبيل يده والسلام عليه وسؤاله عن مختلف المسائل ( والتي كانت على قدر عقلي في ذلك الحين ) ولكن سماحته لم يتردد يوماً في الإجابة والتوضيح مهما كان السؤال بسيطا .. لأنه كان يتكلم من منطلق العطف وليس الإفتاء ..
حتى أني كنت لخجلي اتكلم بصوت منخفض ونبرة خافته .. فكان يضطر للإتكاء الى جهتي ويضع يده خلف أذنه ويقول : بني تكلم بصوت مرتفع لأفهم سؤالك .
(( وللعلم .. كان يجلس في نفس المكان الذي تظهره هذه الصورة المرفقة .. في البراني المسقوف بالخشب ماقبل التوسعة .. ونفس ذلك المصحف الشريف الظاهر في الصورة كان يستخير به للناس ))
وفي يوم من الأيام .. تبين لي أن السيد حفظه الله قد ( رصد ) وضعي بشكل كامل وقرأ شخصيتي .. ولكنه كما هو المعروف عنه .. عميق جداً ينتظر الوقت المناسب ليتكلم .. سواء على مستوى فرد محدد أو أمة كاملة .
وحان الوقت .. عندما سلمت عليه وقبلت يده وسألته : سيدنا أنا طالب علم في النجف الأشرف وألتمس منكم الوصية والارشاد .
فقال سماحته : بني تعلم الإنكباب على درسك والأنس به .. ولاتفرط به وتقدم غيره من الأمور مهما حصل .. وحتى مجيئك الى براني سيد علي السيستاني إذا كان يؤثر على درسك ومطالعتك فلا تأت .. لأن درسك أهم ..
صهرتني هذه الكلمات بالكامل .. وعرفت حرصه الشديد على مستقبلي .. ولو بأن يحرمني من رؤيته .. فقمت بين متأسف لهذا الشرط الثقيل وعازم على تنفيذ وصيته .. والحقيقة أن بعض علامات التأثر ( مقدمات البكاء ) قد بانت على ملامحي .. ونهضت على هذه الحالة وأردت أن اتراجع للوراء وانصرف .. فناداني سماحته مرة أخرى : بني تعال .
رجعت للجلوس .. فتبسم إبتسامة خفيفة وأمسك بشيبته المباركة وقال : ياولدي .. أنت الآن في نعمة لاتعرف قدرها .. وعندما تصبح بعمري هذا ستعرف كم هي نعمة عظيمة وإذا لم تستغلها بالشكل الصحيح ستندم كثيراً .. وهي نعمة الشباب .
https://t.me/AiliaEmame1185
تعليقات
إرسال تعليق