العراق يتجه نحو الأفضل .. بشرط فهم سياسة ( ذيل الكلب ) .
#91العراق يتجه نحو الأفضل .. بشرط فهم سياسة ( ذيل الكلب ) .
#Ailia_Emame : الكاتب
٢٠٢٠/١/٨
_____________________
بعد أن هدأ صوت الصواريخ تعال لنناقش ثلاثة أمور لم يتم ترتيبها بهدوء .. وأنصحك بتحمل المقال لأنه لم يكتب كردة فعل على ما يجري اليوم .. بل يحدد مسارنا للأيام القادمة .
♦️أولاً : أمس لم تبق وسيلة إعلام واحدة لم تنقل تصريحات مكذوبة أو صوراً مفبركة .. إما لصالح الجانب الأمريكي أو لصالح الجانب الإيراني .. أو ما يبدو لصالح أحدهما وهو في الحقيقية يخدم الآخر .
وهذا يكشف عن ارتباكنا كأفراد ومؤسسات إعلامية .. وعدم قدرتنا على التركيز تحت الضغط العصبي .. بسبب كثرة ما يتم تداوله وسرعة المتغيرات الى الحد الذي فقدنا البوصلة تماماً .
🌕 والأخطر .. أنه يكشف عن سرعة وقوة وتنظيم إعلام الطرفين بحيث كتبت الأخبار وفبركت الصور وبعض الصواريخ لاتزال في الجو !! وهذا يعزز تحويل العراق الى ساحة شطرنج .. وتحويل جمهوره الى بيادق للطرفين .. مادام هذا الجمهور العراقي غير قادر على تحديد موقفه .. بل غير قادر على تمييز الصحيح من المفبرك .
🌕 كما حصل في موضوع العقوبات والبند السابع والحصار على العراق وتهديد ترامب بالحرب وووو
وهي كلها مجرد طبول للتخويف تصدقها الناس لأنها لاتمتلك أدنى ثقافة عن كيفية فرض العقوبات أو دخول الدول تحت البند السابع .
♦️ثانياً : أتذكر تصريحاً لسيناتور أمريكي _ نسيت إسمه _ يقول فيه : أن السياسية الخارجية للولايات المتحدة وقراراتها تجاه بقية الدول ما هي إلا رغوة بسيطة تطفح من القدر وتسقط خارجاً .. أما الحساء كله فهو في داخل القدر .
🌕 بمعنى أن الذي يحدد تصرفات الحكومات هو مايحصل في الداخل بالدرجة الأساس .. فيجب أن تفهم الداخل الأمريكي والداخل الإيراني جيداً .. قبل أن تتلاعب بك الأخبار صعوداً ونزولاً .
في الداخل الأمريكي ترامب يبحث عن نصر يقدمه للانتخابات القادمة .. ويحاول أيضاً الفرار من إجراءات العزل بسبب قضية أوكرانيا.. والطريق الأقصر لذلك هو توجيه ضربات محدودة تصرف أنظار الأمريكان للخارج .. من دون أن تسبب حربا شاملة .
🌕 بالضبط كما حدث مع بيل كلينتون عندما تهرب من تهمة التحرش بسكرتيرته مونيكا لويسكي من خلال قصف العراق لأربعة أيام متتالية عام 1998 .. وكما حصل مع جورج بوش عندما شن عاصفة الصحراء للهروب من الأزمة الاقتصادية التي سببتها سياسته .. وقد كان يتصور أنها ستكون حرباً محدودة ولكنه تورط في عدة معارك وأخفى مقتل العشرات من جنوده في هذه الحرب ( كما من المتوقع أن يتم إخفاء العدد الحقيقي لقتلى عين الاسد يوم أمس )
* وهذا ما يسمى بسياسة ذيل الكلب .. بمعنى ( إذا كان المعتاد أن الكلب يهز ذيله .. فهنا الذيل هو الذي يهز الكلب ) بمعنى أن مصلحة أمريكا هي الكلب .. ومصلحة الرئيس لوحده هي الذيل .. ولكن الذيل أهم من الكلب .. والرئيس يحرك أمريكا كلها لمصلحته هو .
* وبسبب مغامرات جورج بوش قامت هوليود عام 1997 بانتاج فيلم ذيل الكلب ( Wag the Dog ) من بطولة روبرت دي نيرو وداستين هوفمان .. ليجسد هذه النزعة لدى رؤساء أمريكا .
* المختلف أن ترامب أخطأ التقدير عندما تصور أن سليماني والمهندس أهداف محدودة يمكن استغلالها للدعاية بدون أن تجرنا الى الحرب .. بالنسبة لسليماني كان ترامب يتصور أنه مجرد قائد إيراني من بين مجموعة قادة لن يحدث فرقاً في إيران .. جاهلاً مكانة ( سردار بزرگ ) .
* وبالنسبة للمهندس .. فقد قيمت الإدارة الأمريكية أن سكوت الجماهير على حرق العصابات المنفلته لمقرات الحشد الشعبي في أكثر من محافظة ( جنوبية ) ودخول الحشد في الشأن السياسي خلافاً لما أوصت به المرجعية .. يعني سقوط قيمته الجماهيرية .. وأن أحداً لن يهتم لقتل قائده العسكري .
ومن هنا فالمحتمل أن تبتلع أمريكا الضربة الأخيرة من إيران وتوقف المواجهة لأنها لاتريد الذهاب الى أبعد من ذلك .. هذا إذا أكتفى الإيراني بهذه الضربة .. ومن يعرف الداخل الإيراني يفهم أنه أيضاً لايريد الذهاب الى الحرب .. ولكن هذا الرد غير كاف بالنسبة لهم .
#ثالثاً : بالنسبة لنا في الداخل العراقي .. شعب مرهق من احتجاجات مستمرة وتقدم بطيئ .. شارع منقسم وأهواء مشتته .. مرجعية تنتظر من يشغل الفراغ ويصنع البديل .. ولاتجد حركة مهمة تقوم بها النخب والكفاءات ..
ولكن الأهم من كل ذلك .. مستوى الوضوح في الانقسام الذي أصيب به الشارع العراقي بين إيران وأمريكا .. مما يبعدنا عن الحل السياسي الداخلي .
* وهنا يجب أن أختم برسائل قد تبدو لشدة صراحتها قاسية .. ولكن لا أجد مفراً من قولها :
١) اللوبي الصهيوني في أمريكا عندما دعم صعود رئيس مجنون مثل ترامب فهذا لأنه يريد _ مؤقتاً _ التصرف بجنون لاستعادة بعض المكاسب .. كإعلان القدس عاصمة لإسرائيل وإنجاز صفقة القرن .. ولكنهم أدركوا أن ترك ترامب يقرر لوحده لعب بالنار .. لذلك سيتخلى الجميع عن الرئيس وسيضطر للتراجع حرصاً على وعوده الانتخابية ( كفى حروباً ) .
٢) مهما كان الشهيد سليماني عزيزاً عند الإيرانيين .. فان ظروفهم الاقتصادية الصعبة تمنعهم من الحرب الانتقامية الشاملة .. وسيكتفون بالرد الذي يبرد القلوب ويحفظ ماء الوجه رغم مرارة المصاب عليهم .
٣) الحشد الشعبي حصل على تعاطف كبير بثلاثة أسباب :
* استشهاد المهندس .. والذي كشف حجم رابطة الدم الأخوية بين أبناء الوسط والجنوب .. ورفاق السلاح والتحرير من أبناء المناطق الغربية .. وكان تشييعه أشبه باستفتاء جماهيري ذو رسائل متعددة .
* تصويت البرلمان على خروج القوات الأجنبية الذي كشف ولاءات العديد من أتباع أمريكا مدعي الوطنية .. وهذا مكسب إضافي كبير .. يجرد خصوم الحشد ويظهرهم على حقيقتهم .
* إدانة المرجعية للجريمة وتألمها لمقتل قادة الانتصار على داعش .. مما يكسب الحشد موقفاً إضافياً .
ومن هنا .. فمن الذكاء الإستراتيجي الحفاظ على هذا المكسب لصناعة نصر سياسي في الانتخابات المبكرة القادمة .. أما الذهاب الى مواجهة أخرى مع الأمريكان فسيحرج الحكومة .. ويبطل مفعول تصويت البرلمان .. وقد يعقد المشهد بشكل ينسف كل هذا التعاطف .
الملصق الإعلاني لفيلم WAG THE DOG المشار إليه في المقال .

تعليقات
إرسال تعليق