السادة خطباء المنبر … لقد بدأ عاشوراء
( كُتبت هذه المقالة في ٢٠ / ذو القعدة / ١٤٣٩ هجرية كقراءة للوضع على مشارف شهر محرم ومحاولات تحريف العزاء الحسيني عن مساره تحت شعارات برّاقة عن الكرامة والعدل )
#69السادة خطباء المنبر … لقد بدأ عاشوراء
#Ailia_Emame : الكاتب
٢٠١٨/٨/٢
_________________
♦️ فتاح الفأل يأخذ راحة كفك .. أو ينظر في فنجانك ..ليعرف مستقبلك .. وبالتأكيد سيحصل على بعض الأموال .. لأن جيبه الفارغ يخاطب خوفك من المجهول .. الكامن في نفسك .. وستدفع له نقداً.
أما أمثالي ممن يسمى كاتب فلا يأخذ سوى القلم ( الجاف) .. ولا يخاطب غير الورق (الأبيض)… والعوض على الله .
لذا سأتقمص دور فتاح الفال …في هذا المقال .. وأمسك براحة الوطن وأقرأ فنجان الشهر القادم ..عسى أن يدر علينا من كتبنا له المقال ..بماء نشربه .
🌕 بعد أيام قليلة ..سيأتي شهر محرم .. أمواج بشرية تتحرك لاطمة الصدور .. لافتات وأعلام تغطي وجه السماء .. تجمعات مهيبة تجلس تحت المنابر لتبكي مصاب الغريب السليب ..الذي أقرح الجفون .. وأذاب الأحشاء .. سيد الشهداء .
🌕 دعني يا عراق الحسين .. أقرأ فنجان قهوتك السوداء … كسواد أعلام محرم .. نعم .. عاشوراء هذه السنة مختلف تماماً .. جاء مبكراً .. ويحتاج الى خطاب يناسبه _ إذا بقي الحال على ماهو عليه _ .
🌕 حينما ينفتح شعب من الشعوب على ثقافة العالم الخارجي … لاشك أنه سيعود ليسأل نفسه : هل ثقافتناالطقوسية .. وما كبرنا عليه من المراسم .. هو الأفضل ؟ … هل هو الأكمل ؟ .. أم علينا أن نذوب في سائل ( العولمة ) الذي أصبح يغطي سطح الكرة الأرضية ؟
🌕 ان هذا الانقلاب على الذات … والتصدع والتآكل في بعض الطقوس والعادات .. قاعدة ثابتة .. ومصير محتوم لكل شعب ( ينفتح ).
🌕 ولكن في العراق لم تقترب هذه القاعدة من نطاق عاشوراء .. لأن عزاء الحسين يقف شامخاً ليصدر ثقافته الى الخارج .. إنه ذكر أبي الأحرار .. الذي لم يعرف غير تصدير القيم والمعنويات .. سوى مرة أراد فيها أن يستورد الماء .. ولم تتم الصفقة .
🌕 ومنذ أخذنا حصتنا من الانفتاح قبل عقد ونصف .. بقي الشك بهذه الشعائر ونفعها وفائدتها .. يحوم في هامش بعض النفوس والعقول سريعة الذوبان .. ولكنه لم يأخذ مكانة الوسط .. ولم يتصدر المشهد .. وبقي العقل الجمعي .. والوجدان العراقي .. ملتزماً بإعلان عاشوراء للعالم في كل سنة .. عابراً فوق قرون طويلة من الإستهزاء والقتل والتنكيل بزوار الحسين ومعزيه ومرتدي السواد عليه .. غير مستعدٍ لترك هذا الحب يموت .. وهذه التضحيات تنسى .. مهما كان نوع الشعارات البديلة .. التي تجرب حظها .
🌕 لقد كان مقدراً لهذا التشكيك بموروثنا .. أن يبقى _ بعد تجارب العقود السابقة _ في مكانه الهامشي .. ومحيطه المنعزل عن النفوس الملبية في عاشوراء .. لولا كبوة السياسة التي أصابت البلد .. وأحدثت جرحاً من الضياع والحيرة .. في قناعة الجيل المعاصر .
🌕 هناك من وجد فرصته لينفذ ويصوغ الخطاب بهذا الشكل : ( ماجدوى هذه المراسم والشعائر .. مالم تنتج حلاً سياسياً لهذا البلد ؟ ولماذا لاتغير الجماهير المليونية وجهتها من كربلاء الى الخضراء .. لتسقط النفاق والظلم .. كما فعل الحسين .. وعندها ستكون زيارة مقبولة ) … وهذه الكبوة القاسية لسياسة الخضراء … جعلت الكثيرين يقبلون هذا الكلام بالعاطفة لا بالعقل .. وبالانفعال لا بالقناعة .. لينتصر الشك في نفوسهم .. ولو الى حين .
🌕 وجائت أيام الدم والسيف .. وفتوى الدفاع والشهادة .. وعادت صيحات الحسين والعباس تملأ هواء العراق المناضل ضد التكفير الأموي .. فعاد الى العقول رشدها .. والى النفوس ثقتها .. بأن وراء هذه الشعائر تعبئة فريدة .. وصناعة جيل يختزن طاقته ويستعد لإطلاقها في الاتجاه الصحيح .. متى ما تطلب الأمر ذلك .
🌕 أما اليوم .. وبعد أسابيع من المظاهرات والمطالبات الإصلاحية .. فيا أيها السادة الخطباء .. ياحملة هذا الصوت للأجيال .. يا أصحاب الفكرة والدمعة .. عاشوراء هذه السنة يبدأ الآن .. وأنتم وحدكم قادرون على إستثماره ..
🌕 لن تصعدوا المنبر إلا وفي مجلسكم الحافل بالحضور .. تساؤل يتردد ( لماذا لم نستغل هذه التجمعات لنسقط الفاسدين ) ؟
لن تقولوا ياليتنا كنا معكم .. إلا وينفجر السؤال في نفوس المعتصمين تحت حرارة الشمس .. لماذا لم نكن _ نحن الحسينيون _ معاً في إزالة السراق ؟
لن تقرؤا بيتاً من الرثاء .. الا ويسبق الدمعة سؤال في عيون الكثيرين … ماقيمة دموعنا إذا لم نغضب للحق ونقف ضد الظلم ؟
🌕 هذه تساؤلات شعب مرهق يشعر بالضياع .. يسبح في المجهول .. ولا يجد سفينة أسرع ولا أوسع من سفينة الحسين ليركبها .. وبالتأكيد سيطالبكم أن تأخذوا دفتها باتجاه الخلاص من هذا الواقع المرير .
🌕 هذه المرة .. ليس التشكيك في شعائرنا .. بل في أولوياتنا .. لماذا نجتمع هنا ولا نجتمع هناك ؟ لماذا نلطم نصرخ هنا ولا نصرخ هناك ؟ وإذا قدمنا الجواب الذي يروي عطش السؤال .. لن يمر أحد بساحة شعائرنا محاولاً طعنها .. في عثرة
من الزمن .. و خذلة من الساسة .
🌕 سترون أبواق الأحزاب .. تلبس لباس المتظاهرين والمعتصمين .. لتبدأ حملتها اللاذعة ضد شعائركم .. وتصفكم بالجبن والتخاذل لأنكم تركتم طلب الإصلاح الذي نادى به الحسين .. حملة محسوبة .. هدفها أن توقع بينكم العداوة .. وتشغلكم بنقاش عقيم حول الشعائر .. تنقسمون فيه الى طرفين .. وتنسون أمر الفاسدين .
🌕 سترون جهات لم تؤمن يوماً بهذا التراث الحسيني .. وهذه الطقوس الثقافية .. تجد فرصتها الذهبية لتقول هاه ؟ أين شعائركم ومنابركم ؟ لماذا لا نراها في ميدان الواقع ؟ أم أنكم لاتزالون تعيشون في سنة 61 للهجرة ؟
🌕 إنها أمانتكم أيها الخطباء .. فلقد بدأ عاشوراء من الآن .. والمنابر تنتظركم بلهفة .. لتعيدوا لها هيبتها وبريقها .. وتحتضنوا جيلكم الصاعد الذي يبحث عن الحسين في معادلات التغيير .
🌕 فليكن عاشوراء هذه السنة مدرسة للجيل .. يعلمه بأن صرخة الحزن على الحسين .. سترتد يوماً على الظالم .. عندما يحين الوقت .. ولاتسألني عن الوقت .. لأن من أعطى للخضراء فرصة أخيرة .. هو أعرف به .
🌕 ليتعلم هذا الجيل ان الذي وقف على الساتر بسم الحسين .. لن يهاب الوقوف أمام المسؤول الفاسد .. وسيتذكر تلك الكلمة التي سمعها تحت المنبر تنقل عن الحسين في الروايات ( أفبالموت تخوفني، هيهات طاش سهمك وخاب ظنك لست أخاف الموت، إن نفسي لأكبر من ذلك وهمتي لأعلى من أن أحمل الضيم خوفا من الموت، وهل تقدرون على أكثر من قتلي؟!)
🌕 ليفهم أبناؤنا أن هذا الزحف المليوني الى كربلاء .. مادام مستمراً على خطى الحسين .. ولم يتفرق بالمال ولا التخويف ولا الدعايات .. فهو كتلة بشرية مخيفة .. ونوع من الاجتجاج السلمي المرعب .. وستبقى مصدر تهديد للظلمة .. لأنه قوة للحق يحركها متى ما وجد أن الطرق أصبحت مسدودة .. ولم يبق لنا خيار سوى تطوير أساليبنا السلمية.
🌕 قولوا لهم فلينظروا الى تلك المواكب التي تبذل الغالي والنفيس .. كلها جاهزة لتزحف الى أي مكان يتطلبه نداء الحق .. كما زحفت الى جبهات القتال .. بدعمها وعطائها .
🌕 إن المداولة الفكرية … والتساؤلات الساخنة .. أمر لامفر منه في هذا الموسم … وبيدكم ياسادتنا الخطباء لابيد غيركم .. أن تحبطوا المحاولات الحثيثة لتفتيت هذه الطاقة الشعائرية المجتمعية .. و تجعلوا من عاشوراء هذا العام حماسة في النفوس ووعياً في العقول .. يجعل الأجيال تفهم أن وظيفة هذا العزاء .. هو رفع الرصيد المعنوي والبشري لخط الحسين .. ليكون جاهزاً ومستعداً .. متى ماتطلب الأمر ذلك .
https://t.me/AiliaEmame1185
تعليقات
إرسال تعليق