المرجعية الدينية .. وراثة في الشرع والسياسة .. أم عمل خلف الكواليس ؟ الكاتب #Ailia_Emame

 Ailia Emame:

المرجعية الدينية .. وراثة في الشرع والسياسة .. أم عمل خلف الكواليس ؟

الكاتب #Ailia_Emame 


* ( أنا لا أفهم معنى الحياد .. إما أن تكون معي أو أنت ضدي ) 

لعلك _ إن كنت متابعاً جيداً للوضع السياسي _ ستعرف أن هذه المقولة أعلاه كانت لجورج دبليو بوش .. بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر سنة 2001 .. وقبيل غزو أفغانستان والعراق .


ولكنك لو قمت بتصفح بسيط لأوراق التاريخ ( وما أقل من يقرأ ) ستجد بأن هذه المقولة هي نمط .. وأسلوب عمل .. وطريقة تفكير .. لدى كل سياسي و في كل زمان .


فعلى مدى قرون .. كانت السلطة السياسة و المعارضة السياسية .. في منافسة محمومة .. لمحاولة كسب المرجعية الدينية لصالحها .. وأعني هنا بالمرجعية الدينية الأئمة المعصومين عليهم السلام  .


* ودعني أذكر لك بعض الشواهد التي تعطيك ( بوضوح ينفعك اليوم ) كيف أن الأئمة عليهم السلام كانوا خارج دائرة الصراع السياسي .. ومع ذلك كانت كل سلطة وكل معارضة تعاملهم وكأنهم ( ختم شرعي ) لابد من الحصول عليه .


* بمعنى أوضح .. الكل يتعامل مع أهل البيت أنهم يحملون ختماً للشرعية .. والغريب أن هذا الختم لايستمد قوته من جيش أو مال أو قوة تنظيمية  .. بل من تجرده الشديد عن كل مظاهر القوة .. واكتفائه بقلوب الناس !!


* ومهما حاول الأئمة عليهم السلام .. أن يوضحوا للأطراف المتصارعة بأنهم في مرحلة ما بعد الحسين عليه السلام ..  ليسوا طرفاً في نزاعات سياسية .. وأن سيد الشهداء ألقى الحجة ورفع التكليف عنهم .. كان الجميع بالمقابل يصر على إقحامهم في الصراع.


وإليك أمثلة متسلسلة :


١) المثال الأول ( #الإمام_السجاد ) 


فالمختار بن أبي عبيدة الثقفي ، عندما أراد الخروج على بني أمية ، كان من أول اهتماماته أن يكتسب الشرعية من الإمام زين العابدين عليه السلام .


وكل ما حصل بعد ذلك من تضارب آراء الباحثين حول شرعية ثورة المختار .. وطبيعة علاقته بمحمد بن الحنفية .. كان أصله يعود الى نقطة واحدة ( هل أخذ ختم الإمامة أم لا ؟ ) 


٢) المثال الثاني ( #الإمام_الباقر ) 


فثورة زيد الشهيد عليه السلام .. وما يجري من كلام فيها يعود أيضاً الى نقطة واحدة ( هل أخذ الشرعية من إمام زمانه الباقر عليه السلام .. أم لا ؟ ).



٣) المثال الثالث ( #الإمام_الصادق ) 


وجاءت ثورة الحسنيين بالتحالف مع بني العباس .. وأحاطوا بالإمام الصادق عليه السلام وحاولوا بشتى الطرق دفعه الى التحالف معهم .. وعندما رفض هاجمه بعضهم واتهمه بشتى التهم .

ثق أيها القارئ الكريم أنك لو قرأت بوضوح تلك المحاورات التي حصلت بين الثوار الحسنيين والإمام الصادق عليه السلام .. ستتعجب لإصرار الجميع على مشاركة الإمام رغم تأكيداته الكثيرة أنه لاينوي الدخول في المعترك السياسي .


وستتذكر وضعنا اليوم .. وكيف يصر الإعلام والساسة .. على إقحام المرجعية الدينية في المشهد السياسي بالقوة .. أو بالأخبار الكاذبة حول تدخلها .. حتى لو أرادت هي البقاء بعيدة.


* وعندما حاول أبو سلمة الخلال ( وهو أحد قادة الثورة العباسية ) أن يعيد الحق الى نصابه ويسلم الراية للإمام الصادق عليه السلام ( والدوافع يطول شرحها ) كان رد الإمام صادماً .. حيث أحرق رسالة أبي سلمة بالنار قبل أن يراها والتفت الى رسوله وقال له : هذا جوابي لصاحبك .


* حتى أن بعض الشيعة المهزوزين .. لم يتحمل كل هذا السكون والحياد من الإمام .. وأخذته الشكوك بأن تضييع مثل هذه الفرصة لاستلام الحكم .. ربما يكون عجزاً من الإمام _ حاشاه _ عن قراءة الوضع وتهديدات العباسيين القادمة .. أو عجزاً عن استغلال الفرص.


* والمتوقع بعد هذا الموقف الحاد .. أن تتأكد السلطة والمعارضة معاً .. بأن الأئمة لن يدخلوا كطرف سياسي مهما حصل .. فهل توقف سباق السلطات والمعارضات ؟؟ كلا .


٤) المثال الرابع ( #الإمام_الكاظم ) 


* فأول لحظة استلم فيها المهدي العباسي ( أبو هارون ) السلطة .. قام باعتقال الإمام الكاظم عليه السلام خوفاً من نيته القيام بثورة !!


ووصل الأمر الى أن يأتي بالإمام من المعتقل .. ويأخذ منه القسم !! ( فهل تقسم لي أنك لاتخرج على حكمي أو حكم أحد من أولادي ) ؟ 


والإمام يحاول إفهامه بكل أسلوب أن الثورات والانقلابات ليست طريقته ولا طريقة الأئمة .. ولكن هل يصدق السياسي يوماً ( وهو ينظر بعين طبعه ) أن لدى المرجعية الدينية نفوذاً على الناس ولاتستخدمه لمكاسبها الخاصة ؟!!


* وعندما قامت ثورة الحسين بن علي ( صاحب فخ ) رضوان الله عليه  .. في المدينة المنورة .. والتي استمرت لأيام معدودة قبل قمعها من قبل العباسيين .. كان أول ما فعله أن حاول أخذ البيعة من الإمام الكاظم .. ولكنه كان يحترم الإمام وتقبل منه الاعتذار و عدم المشاركة .


٥) المثال الخامس ( #الإمام_الرضا )


* وقصته مع المأمون واضحة للقارئ .. وكيف حاول العباسيون كسب الشرعية من خلال إقحام الإمام في ملكهم بالقوة .. واشتراطه عليهم عدم التدخل في شيء.


* وهكذا تستمر الأمثلة حتى نصل الى الإمام الغائب ..


ومن ثم للمرجعيات النائبة عن المعصوم .


* فمن السيدين #كاظم_اليزدي و #أبو_الحسن_الأصفهاني .. ومحاولات الاحتلال البريطاني كسبهم الى صفه .. ثم محاولة أذيتهم عندما رفضوا ذلك .


* الى #السيد_محسن_الحكيم ومحاولات الشيوعيين والقوميين استمالته  .. ثم شراستهم في مواجهته عندما مارس دوره الطبيعي في بيان المواقف الشرعية العامة للمؤمنين .. وكأنه كان ينازعهم حكمهم !


* الى #السيد_الخميني ومحاولات شاه إيران جره الى صالحه بالترغيب والترهيب .. لمجرد أنه كان يمارس واجبه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. وبدل الاستماع إليه حاربوه بالسجن والنفي .. مع أنه لم يقل يوماً أنه يريد سلب الحكم من الشاه بل كان يذكره بأحكام الدين .. ولكن تقديرات الله تعالى أتت بالسلطة وألقتها عند قدمي الخميني .


* الى #آل_الحكيم ومحاولة سلطة البعث في بداية الثمانينات .. كسب موقفهم لصالحها وأخذ ختمهم الشرعي ضد الجمهورية الإسلامية .. ومهما كان السادة آل الحكيم بعيدين عن تهديد السلطة ومنعزلين عن المشهد السياسي .. لم تكتف السلطة بذلك .. بل أصرت على كسبهم لصالحها .. وعندما رفضوا صبت عليهم أنواع البلاء كأعداء لها .. لأنها لا تفهم مانستمده من مواقف الأئمة عليهم السلام.


* وصولاً الى #السيد_الخوئي .. فقد حاولت السلطة بكل وسيلة تصويره بمظهر المعارض للسيد الخميني والجمهورية الإسلامية .. وعندما تبين لها أن السيد أذكى بكثير من ذلك .. لم تجد إلا ممارسة ألوان التعذيب والتشريد والتهجير .. حتى أصبحت الحوزة مهددة وجودياً ومعرضة للاستئصال في أي لحظة لولا صبر الإمام الخوئي ورعاية صاحب الزمان .. وسط سكرة المجتمع وتصفيقه لطاغية البعث .. وحجب الإعلام لما تلاقية حوزة أمير المؤمنين من عذاب لايوصف .


* ولعل أوضح مثال نتكلم عنه في الوقت المعاصر ويفهمه القارئ الشاب .. هو #السيد_السيستاني .. فأنت تراه يصرح كل يوم حتى بح صوته :


* لا نؤيد أي قائمة .. لا فوق الطاولة ولا تحتها.

* لا دخل لنا بتسمية رئيس الوزراء .. لا أمام الجمهور ولا خلفه..

* لا نتدخل في تفاصيل الوضع السياسي إلا بحدود الانسداد و المخاطر الكبرى على المجتمع..

* العراقيون أصحاب القرار في تغيير الدستور واختيار شكل الحكم..


كل هذه التصريحات لا يفهمها السياسيون .. لأنهم لايفهمون أساساً وراثة المرجعية للإمامة .


للأسف .. فما أسرع أن تهتز أفكار الناس بمجرد أن يسمعوا خبراً عن ( تدخل سري ) للمرجعية .. لأنهم أيضاً ليسوا على معرفة كافية بطريقة تحرك المرجعية .


* وفي تصوري .. أن هؤلاء الذين يسوقون لفكرة التدخلات السرية والدعم الخفي .. ويبثون أخباراً عن التأثير السياسي غير المباشر لمكتب السيد دام ظله .. هم بالفعل لايفهمون ارتباط المرجعية الدينية بوراثة سياسية من الأئمة عليهم السلام .. ( ليس أنهم يعرفون ويتجاهلون ) بل لا يصدقون ذلك حقيقة ويعتبرونه مجرد تسطير بلا معنى .


لأنه في نظرهم ليس من المعقول أن يكون لك نفوذ معين وتكتفي بالنصح والإرشاد وسد الثغرات .. ولا تسعى للسيطرة !!


لذا فكل من يقول خلاف قولهم .. فأول رد حاضر بأنه ( مسكين ) ولا يعلم بحقيقة ما يقوم به مكتب المرجعية من خلف الكواليس.




https://t.me/AiliaEmame1185

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عشرون سؤالا عن الشيخ محمد اليعقوبي

ملف زيارة البابا |ايليا امامي

جولة في رأس سياسي عراقي. الكاتب #Ailia_Emame