عمامة حوزة .. وعمامة گمزة !! الكاتب #Ailia_Emame

Ailia Emame:

عمامة حوزة .. وعمامة گمزة !!

الكاتب #Ailia_Emame

( القسم الأول من قسمين ) 


* حتى هذه السنة 1443 .. تكون قد مضت على شهادة الإمام الصادق عليه السلام بالتاريخ الهجري 1295 سنة .. ولا تزال الحوزة العلمية وفية له بصدقها وثباتها على نهجه بدون انحراف أو مداهنة للسلطة أو الخضوع تحت سلطانها .. ولا يزال الشيعة أوفياء للنظام المتكامل ( فكرياً واجتماعياً ومالياً ) الذي أسسه أهل البيت عليهم السلام .. وحقق _ بما يشبه المعجزة _ استقلالية تامة للحوزة صبغت بدماء العلماء الشهداء .. ليبقى ثوبها أبيضاً نقياً كثوب جعفر بن محمد الصادق.


* لكن .. ونحن في ذكرى وفاة رئيس الحوزة ومؤسسها عليه السلام .. دعونا نستذكر وجود بعض الحالات الشاذة التي يحسبها الناس من جسد الحوزة وهيكلها .. بينما هي نتوء عظمي أو لحمي .. سمحت بوجوده عوامل .. سأتكلم عنها.


* سنة 2003 وبعد سقوط النظام السابق بأربعة أو خمسة أشهر .. وحيث كان ( الفرهود ) على قدم وساق .. ولم تبق مؤسسة من مؤسسات الدولة إلا وهجم عليها بعض الأهالي.. ( وللتاريخ فقد التزمت الأكثرية بعدم المساس بأموال الدولة ) .. وعلى كل حال ففي تلك الأيام سألني أحد ( شياب المنطقة ) .. فقال :


بويه احنه بالتسعين هم شفنه فرهود ( يقصد أيام الانتفاضة الشعبانية ) بس ما شفنه معمم يفرهد .. شو هسه حتى الشيوخ تفرهد !!

هذا شيخ ( فلان ) صاعد ليلى علوي وشايل الأرقام ويفتر بيها هو وربعه ( ليلى علوي تسمية عراقية خليجية لسيارة تويوتا لاندگروز كانت دوائر الدولة تستخدمها في النظام السابق ).


ودفعاً للحرج قلت بصراحة : حجي هاي عمامة گمزة مو عمامة حوزة .. فضحك وانصرف.


* مثل هذه الحالة .. ( ظاهرة المعممين المنفلتين ) تكررت الى الحد الذي أضطر مكتب المرجع الأعلى دام ظله أن يرد بصراحة وبدون مواربة .. والاستفتاء أدناه بعد سقوط النظام بثلاثة أشهر حيث كانت الساحة ( فوضى حلاقة وليس خلاقة ) بما تعنيه الكلمة.. والاستفتاء موجود على الموقع لمن أحب المراجعة :


(( مكتب سماحة آية الله العظمى المرجع الديني الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني ( دام ظله الوارف ) السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

قام بعض المعممين بافتتاح مكاتب تحمل عنوان ( الحوزة العلمية في النجف الأشرف ) في محافظات القطر وأخذوا على عاتقهم استلام المواد المسروقة من أموال الدولة والتصرف فيها ببيعها وتوزيع المبالغ على المنتسبين للمكتب او صرفها في موارد أخرى ، وتارة يقومون باستلام الخمس ممن اشترى مادة مسروقة وبهذا التخميس تصبح المادة المسروقة ملكاً لمشتريها ، ويستخدمون سيارات حديثة مسروقة من أموال الدولة وقد كتب عليها ( خدمات الحوزة العلمية ) ، ويتدخلون في شؤون الدوائر الصحية والتربوية والخدمية كالمستشفيات والمدارس ومحطات الوقود وغيرها مما أدى إلى استهجان هذه التصرفات من قبل المنتسبين خصوصاً والمجتمع عموماً وألقوا باللوم على الحوزة العلمية ، فصورة هذه المؤسسة المقدسة بدأت وللأسف الشديد تهتز في أنظار الكثيرين إذا لم تعلن الحوزة الشريفة موقفها من هذه التصرفات ، ومن دافع المسؤولية الشرعية نعرض أمام نظركم الشريف هذه الأسئلة راجين الإجابة عليها :


۱- هل ان لهذه المكاتب صفة شرعية او أنها مأذونة ومخولة من قبلكم ؟


ج : هذه المكاتب غير مخولة من قبلنا ولا علاقة لنا بها .


۲- ما رأي سماحتكم في مثل هذه التصرفات التي يقومون بها ؟


ج : لا نصحح هذه التصرفات ونرى ضرورة الابتعاد عنها ، وقد أكّدنا ذلك لجميع الوكلاء والمعتمدين وغيرهم من طلبة العلوم الدينية منذ بداية الاحداث الأخيرة .


۳- هل من كلمة توجيهية للناس حول التعامل مع هؤلاء الأشخاص والمكاتب التي تقوم بهذه الأفعال ؟


ج : ننصح المؤمنين – وفقهم الله لمراضيه – بأن لا يعتمدوا إلاّ على من يثقون بعلمه وورعه وتقواه والتزامه التام بتوجيهات المرجع الذي يقلّدونه والله الموفق .

 

مكتب السيد السيستاني / النجف الأشرف ٢٩/ ربيع الثاني /۱٤۲٤ ))


* ألى هنا .. ينبغي أن ينتهي هذا المقال .. فالسيد دام ظله لم يترك ما يُقال .. وقد وضع النقاط على الحروف بهذا الجواب الصادر منذ الشهر السادس من سنة 2003 .. أي منذ عشرين سنة ( قبل أن يولد الجيل المصدوم من تصرفات بعض المعممين ).


وقال صريحاً أن تكليفنا كحوزة البراءة من هذه التصرفات .. وتكليفكم كمجتمع التأكد من انتساب الشخص للحوزة وليس التصديق بكل من يضع لفافة قماش على رأسه.


* ولكن .. هناك تساؤلات عن طبيعة هذه الظاهرة .. أجد من المناسب الحديث عنها .. وأمامنا سؤالان أساسيان :


الأول : كيف تتكون مثل هذه الظواهر ( المعممون المنفلتون ) ؟

الثاني : هل تعالج الحوزة العلمية والمرجعية الدينية هذه الحالات ؟


ونتناولها بشيء من التوضيح :


الأول : كيف تتكون مثل هذه الظواهر ؟


وأذكر هنا أربعة أسباب :


١)) الشعور بالنقص والبحث عن الشهرة.


* بما أنك أيها القارئ الكريم متابع لمواقع التواصل .. فقد رأيت بلا شك معمم يتغزل بالبنات وعبارة عن مودل حلاقة .. وآخر يستعرض عضلاته في الجم .. وثالث يعزف على البيانو .. ورابع يدافع عن حزب سياسي بطريقة مستفزة .. وخامس يوصل بعض الأشخاص الى مرحلة الإمامة والنبوة .. وسادس وسابع يشتمون و ( يفشرون ) على البث المباشر.


* والآن دعني أسألك : هل تعتقد أن هؤلاء كان مقدراً لهم الحصول على هذه الشهرة .. وأن يصبحوا نقطة جدل بين الناس لولا العمامة التي يرتدونها ؟


*لقد كبرنا ونحن نرى الناس تأتمن المعمم على دينها .. يرتقي المنبر والناس تستمع .. يقول كلمته والناس تستجيب .. يزوجهم .. يطلقهم .. يقول صوموا فيصومون .. يقولوا أفطروا فيفطرون .. يسلمونه أموال خمسهم ولا يشكون..


*فمن المؤكد أن نرى الناس تضج وتنفعل وتعبر عن سخطها عندما ترى شخصاً يرتدي هذا الزي ويلعب بمزاجه .. فهو لا يهين الدين بقدر ما يهين تدين الناس واعتزازها بهذا الرمز.


*دع شخصاً يتقمص شخصية الدكتور وانظر لشعور الكادر الطبي .. دع شخصاً يتقمص دور شيخ العشيرة وانظر لردة فعل العشيرة .. كل البشر لا يريدون أن تستهين برموزهم لأنك تستهين بهم .. وثق بما أقول .. عندما تصل الأمور الى العرض والعقيدة .. يصبح الأمر بالغ الحساسية حتى عند غير المتدين.


* وبما أن هذا الوتر الحساس موجود لمن أحب أن يضرب عليه بسهولة .. فما أسهل أن تجد شخصاً يلفت الانتباه إليه من خلال ارتداء هذا الرمز المقدس .. حيث هناك ما يسمى اضطراب الشخصية الهستيرية وهو حالة من فقدان الشعور بالقيمة .. يتم تعويضه من خلال محاولة لفت انتباه الناس بأي طريقة .. حتى لو كانت بالأغماء في الشارع .. أو التعري وسط التجمعات .. فقط ليشعر بأن الناس تنتبه له .. وأنه ليس مجرد نكرة مجهول .. وقد يتطور لما يسمى الهستيريا التحولية Conversion Disorder ويتحول الى مرض جسماني.


* و أنت ترى كيف يعوض بعض التافهين عن فقدهم للقيمة من خلال محاولة رفع أرقام المشاهدات والتعليقات .. حتى لو كانت كلها ضده .. فما دام يعطيه الإحساس بأنه ( موجود ) فهذا يكفي .. وهذا بالضبط حال من يتطفل على العمامة .. حيث تأتيه الشهرة بلا حسيب ولا رقيب ( وسأذكر لماذا لا تحاسب الحوزة وتضع شرطة ).



٢)) بيع الذات وفقدان الكرامة.


* السبب الثاني لظاهرة المعممين المنفلتين .. وهو واضح لديك أيها القارئ الكريم ولا يحتاج إلى التطويل .. فكم رأينا شخصاً يبيع نفسه ودينه مقابل حفنة من المال .. ومثال عمر بن سعد وملك الري كانت قبله وبعده آلاف الأمثلة ولا حاجة للتعداد.


* وترى الوهابي محمود الصرخي كيف كان حريصاً على لعب الكرة والرقص وإظهار أبشع ما يمكن تصوره .. لكي يتيح للمجتمع الوهابي رؤية العمامة الشيعية بوضع المهرج .. ويقول .. ( هل هكذا أدب جعفر شيعته ) ؟ وليتني أعرف كم كانت قيمة هذا العرض الهزلي ؟ وهل كانت تستحق كل هذا الجهد لإظهار نفسه بأبشع صورة ممكنة !! وما أكثر الأمثلة غير الصرخي .. من عمائم السوء التي تدعي المرجعية .. كفاضل البديري بائع نفسه للوهابية.. وآخرون باعوا أنفسهم للسياسين. 


* في الغرب يمكنك أن تشتم الرجل في عرضه .. يمكنك أن تسب والدته حتى الصباح .. لكن إياك أن تقول له sell out أي ( البائع نفسه لأجل المال ) لأن هذه أعمق نقطة مستفزة لما تبقى من كرامته .. أما عمائم السوء المعروضة للإيجار .. فقد تجاوزت هذه النقطة بكثير.


٣)) الصدمة ثم المكابرة.


* هذا السبب ربما يخفى على كثير من الناس ولا يفهمونه.


دعونا نتفق أولاً أن الحياة الحوزوية كما يصفها كثيرون ( معقدة ) وذات مسؤولية عالية .. وطالب العلم مقيد في تحركاته وممارساته الاجتماعية الى حد كبير .. ويعود ذلك لسببين أساسيين : 


A. المتوقع منه أن يطبق روايات أهل البيت حول سلوك الانسان قبل غيره من الناس .. فالروايات  تنهى عن الضحك بصوت عال .. فيجب أن يتجنب ذلك .. والروايات تنهى عن الأكل وسط الطريق .. ويجب أن يمتثل .. والروايات تنهى عن لبس ما يشين الإنسان .. فيجب أن يتقيد بملابسه .. وهكذا في الكثير من تفاصيل الحياة .. التي من المفترض أن تنظم حياة الجميع وليس المعمم لوحده .. ولكنها مستحبات وليست واجبات .. فلا مشكلة أن يتركها المجتمع كما يشاء .. ولكن المعمم قدوة .. فأمره مختلف.



B. توقع الناس منه أن يكون عنواناً للكمال واعتدال الشخصية وعدم الاهتمام بمصالحه الخاصة لأي سبب كان .. فكم لدي من قصص عن أصدقاء معممين .. تعرضت سياراتهم لحوادث كان المخطط المروري فيها لصالحهم .. ولكن الطرف الآخر ما أن يرى السائق معمماً حتى يتنفس الصعداء .. لأنه يعلم بالنتيجة .. وهي استقطاع نصف أو أكثر من أموال التصليح بدل حقوقهم كاملة .. وبمجرد أن يتكلم طالب العلم ويطالب بحقه يكون الرد (مع الأسف عليك شيخنا هاي عود أنتم قدوتنا) !!


* لا يريد طالب العلم مواساة من أحد .. فهذا الجو رغم أنه خانق من الناحية الاجتماعية .. ولكنه من الناحية المعنوية جنات من الأنس بالله وجوار أمير المؤمنين .. وأغلب الطلبة وعوائلهم متكيفون مع هذا الوضع منذ قرون.


* ولكن قد نرى بعض الشباب .. دخلوا الى الحوزة في لحظة رغبة وشغف غير مدروس .. ثم صدموا بأن المسؤوليات المطلوبة منهم أكبر من تحملهم وأثقل مما تتقبله أنفسهم الراغبة ببعض ( الونسة والطلعة والترفيه والضحك والتنفيس عن الغضب  وو ) .. وهنا انقسموا إلى فئتين :


A.  من انسحب وترك الحوزة ليحفظ كرامتها وكرامته .. ولا يضر بسمعتها وسمعته .. فيحفظ بذلك دينه من الحرام .. ويعيش حياته كما يرام .. مستمتعاً هو وعائلته بحياتهم وملذاتها الحلال .. فلا يعتب عليه أحد .. ولا يراقبه أحد.. والحوزة منه في راحة وسلامة.


B. من أخذته العزة بالإثم ..


ووجد نفسه محاصراً بين رغباته النفسية التي تميل الى التصرف ( مثل بقية الشباب ) وبين خجله من المجتمع إذا ترك العمامة وثبت فشله في هذا الميدان .. فانتصر معسكر النفس وما تهوى .. وخرج يمارس تصرفاته البلهاء .. ويتكلم بما يشاء .. بعيداً عن أخلاقيات الحوزة التي علمنا عليها أئمة أهل البيت عليهم السلام .. وبعيداً عن مشاعر الشيعة وتوقعهم من رمزية العمامة.. ثم جاء السبب الرابع ليعطي هذا الصنف مبرراً جيداً لتصرفاته .. ويحصل على جمهور من أصحاب التفكير العشوائي كما يريد.


٤)) الضغط من الخارج.


* هذا هو السبب الرابع والأخير في نظري القاصر .. وهو سبب كانت له بوادر في الماضي .. ولكن مع تغلغل مواقع التواصل في حياتنا اليومية .. ودخول بعض المعممين في المجال السياسي .. فقد أصبح أمراً بالغ الأهمية.


* خلاصة هذا الوضع .. أن الحوزة أبوابها مفتوحة للجميع (وأكرر أني ساتحدث عن سبب ذلك) 

وبهذا فيمكنك توقع انضمام بعض الشباب الحاملين لرغبة صادقة .. ولكنهم لا يتحملون ضغط المجتمع وتعليقاته ونظراته ..


فهذا الطالب يسمع ويقرأ يومياً على مواقع التواصل .. عبارة مثل ( الدين هو .. أن تبتعد عن الحرام وليس الحياة ) .. مما يعني أن تفعل ما تشاء ما دام في دائرة الحلال.


* وإذا فكر هذا الطالب أن يقول ( نحن وضعنا مختلف .. ومسؤولياتنا مختلفة ) فسيجد العشرات والمئات من أقرانه الشباب والبنات يصفونه عبر التعليقات .. بالمتخلف والمتحجر والكلاسيكي .. ويصل الأمر إلى قولهم أن هذا ( الالتزام الزائد ) هو ما ينفر الناس عن الدين.


* سوف يحاول مثل هذا الطالب أن يثبت للمجتمع بأن الدين ليس متحجراً كما يصفونه .. وأن المتدين منفتح على الحياة أكثر من الجميع .. ولذا سيخرج مواهبه الشبابية كالعزف أو بناء العضلات أو مهارة قيادات السيارات أو غير ذلك .. ولسان حاله يقول : أنظروا .. نحن أيضاً نحب الحياة ما دامت حلال .. فلا تقولوا أننا متحجرون .. والدين متخلف ويقيد الإنسان.


* مغالطات كثيرة يقع فيها هذا الصنف من الشباب المقبلين على الحوزوية .. وليس هذا المقال معقوداً للرد عليها .. ولعله يأتي وقت ذلك.


* خلاصة القسم الأول أجبنا فيها عن السؤال الأول ( كيف تتكون مثل هذه الظواهر ( المعممون المنفلتون ) ؟


وفي القسم الثاني سنجيب عن السؤال الثاني ( هل تعالج الحوزة العلمية والمرجعية الدينية هذه الحالات ؟ ) وما هو موقفها أمام هذه الحالات؟.



https://t.me/AiliaEmame1185

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عشرون سؤالا عن الشيخ محمد اليعقوبي

ملف زيارة البابا |ايليا امامي

جولة في رأس سياسي عراقي. الكاتب #Ailia_Emame