اجر الزيارة الأربعينية .. (وأجورها). الكاتب #Ailia_Emame
أجر الزيارة الأربعينية .. (وأجورها).
الكاتب #Ailia_Emame
#الحلقة_الأولى
تاريخ: 19 / صفر / 1446 هـ
* قبل أيام طلب مني أحد الأصدقاء الكرام .. أن أكتب عن موضوع مهم وهو (مجانية الزيارة الأربعينية) .. نظراً لكثرة تعرض رفاقه لمثل هذه الأسئلة، من خلال خدمتهم السنوية في حملة (إرواء) وهي حملة مباركة وذكية، تسعى لتوفير الثلج من محافظات بعيدة، لتخفيف الزخم عن مواكب النجف الأشرف.
* إذاً .. لدينا سؤال يتكرر بين الحين والآخر مفاده : لماذا لا يتقاضى العراق والعراقيون أموالاً مقابل الخدمات التي يقدمونها للملايين في زيارة الأربعين ؟ لماذا هذه الخدمات المجانية بينما الوضع الاقتصادي للبلد في حالة سيئة والفقر بمعدلات عالية ؟؟.
* وأضع أمامك أيها القارئ الكريم، محاولة للجواب من ثلاث وجهات نظر، دينية، واقتصادية، واجتماعية، وما توفيقي إلا بالله:
أولاً: من وجهة نظر دينية:
* يعتقد أصحاب الأديان بشكل عام، والإبراهيمية الثلاثة بشكل خاص، أن للمخطط السماوي تأثيراً على مجريات عالم المادة، وأن القدرات الكامنة وراء الطبيعة (عالم الغيب) ، لها تأثير على الحياة الطبيعية للإنسان والمجتمع.
* وإذا كان الإنسان مؤمناً بوجود الإله وعالم الغيب (الذين يؤمنون بالغيب) فليس بالضرورة أن يفهم كيفية تأثير (الحكومة الغيبية) وقوانينها .. على عالم المادة .. نعم هو بالتأكيد يرغب بمعرفة الكيفية .. فالعقل البشري يبقى فضولياً وشغوفاً بالمعرفة .. ومن منا لا يرغب بفهم الآلية التي تعمل بها الملائكة وقوانين نزول الرزق مثلاً .. ولكن هذه الأمور في حال بقائها مجهولة أو غامضة .. لن تشكل نقصاً أو ثغرة في منظومة العقائد التي نؤمن بها (أصول الدين).
* ونجد في أدبياتنا وتراثنا الإسلامي مواضيع مثل (البركة، التوفيق، التأييد، الرزق، قضاء الحاجة ، الابتلاء ..) وغيرها .. مما يمكن جمعه تحت قاعدة واحدة وهي ( التدخل الغيبي الإلهي له تأثير على حياتنا الظاهرية .. حتى وإن عجزنا عن فهم كيفية ذلك).
* فالصدقة تجلب الرزق .. على عكس ما نتصور أنها تنقص المال.
وصلة الرحم تطيل العمر .. على عكس ما نتصور أن التواصل يتعب الإنسان.
والحفاظ على الطهارة يضاعف البركة .. من دون أن نفهم الربط بينهما.
والكذب ينقص الرزق .. على عكس ما نعتقد أنه يسهل الوصول للأهداف.
وإضاءة المنزل قبل حلول المغرب تزيد في الرزق .. من دون أن نعرف السبب.
* وهكذا يمكن أن أحصي لك مئات الموارد التي لا نفهم الربط فيها .. أو على الأقل لسنا متأكدين من صحة تفسيراتنا لكيفية عملها .. ومع ذلك .. ما دمنا نؤمن (بالبرهان العقلي) بالمنظومة الأساسية للدين (أصول الدين) .. سنؤمن أن هذا التدخل الغيبي موجود حقاً .. وليس مجرد فنتازيا هوليودية.
* هذا إذا كان الأمر متعلقاً بمجرد الإيمان .. فما بالك لو رأينا الأثر الخارجي لتحقق هذه الأمور ؟ .. فنجد أثر الصدقة والحفاظ على الطهارة لدى قوم .. ونجد أثر الكذب على آخرين .. وكيف يذهب بأموالهم .. حتى سار المثل الشعبي ( الي يعيش بالحيلة يموت بالفگر ) !!.
* وبناء على ما تقدم .. نعتقد نحن الشيعة .. أن بذل الأموال في خدمة الإمام الحسين عليه السلام وفي زيارته .. يضاعف البركة .. ويزيد في الرزق .. ليس على المستوى الفردي فحسب .. بل على مستوى المجتمع بأكمله.
* ودعني أذهب لمنطقة أخرى بخيالي وتوقعاتي .. عن طريقة عمل حكومة الغيب وأقول .. ربما ( وأكرر.. ربما ربما ربما ) تكون حكومة الغيب السماوي .. قررت إرجاع العراق إلى زمن الحصار والمجاعة في التسعينات .. بسبب الفساد الإداري وأكل الحرام والربا وصالات القمار والمخدرات والخمور والفشينستات التي تملك كل منها جي كلاس .. وإلقاء الطعام في النفايات .. وووو ... ويكون نزول العذاب قد وصل بأزاء رؤوسنا.. وحلت بنا النقمة بسبب ((( عدم شكر النعمة واحترامها )))... ولم تبق إلا سنتمترات قليلة ويصيبنا.
ثم تأتي زيارة الحسين عليه السلام .. وما فيها من بذل للمال .. وتحمل للتعب .. وتفضيل الخدمة على الكسب الخاص .. وفتح للبيوت والقلوب .. واسمرار الوجوه وتحرق الأقدام من لهيب الشمس .. ويأتي مع كل ذلك دعاء حجة الله عليه السلام .. ليغير المعادلة ويقلب النقمة إلى نعمة .. ويطلب لنا الإعفاء من نزول العقاب الجماعي .. فما المانع من ذلك ؟
* ما الصعوبة على حكومة السماء أن تستأنف القرار وترفع العذاب ؟ .. وهذا الإمام الصادق ساجد ويدعو لزوار جده بالبكاء ( .. وإجابةً منهم لأمرنا، وغيظاً أدخلوه على عدونا، أرادوا بذلك رضوانك، فكافهم عنا بالرضوان، واكلاهم بالليل والنهار، وأخلف على أهاليهم وأولادهم ... إلى أن يقول: فارحم تلك الوجوه التي غيرتها الشمس، وارحم تلك الخدود التي تتقلب على حفرة أبي عبد الله الحسين عليه السلام، وارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمة لنا ...).
* وأي عجب أو استغراب أن تستجيب حكومة الغيب السماوي كرامة للمعصوم كما استجابت ليونس النبي ؟ .
والصادق يكرر كلمة (ارحم) ؟؟! بل اللافت للنظر أنه عليه السلام يقول في نهاية هذه الرواية .. مخاطباً تلميذه معاوية بن وهب .. الذي كان مستغرباً من كثرة دعاء الإمام لزوار كربلاء .. (( يا معاوية من يدعو لزواره في السماء أكثر ممن يدعو لهم في الأرض )) فالحمد لله على وجود "حلفاء" لنا في السماء.
* وكما قلت آنفاً .. كان هذا العرض من وحي التوقعات المبنية على فهم الروايات .. ولا أريد الاسترسال بأكثر من ذلك .. لكي لا يتحول إلى بحث تصديقي .. كما يصنع بعض المحترمين هذه الأيام .. ويلقيه في المجالس العلمية في النجف الأشرف بدون التركيز على (ربما).
* فخلاصة ما تقدم .. يوجد سببان لإيماننا بأن الله تعالى يضاعف الرزق للباذلين في زيارة الحسين عليه السلام .. ( الروايات .. والتجربة).
* فأما الروايات _ وهي لسان الغيب_ فمنها ما ورد في كامل الزيارات .. عن ابن سنان، قال: قلت لأبي عبد الله (الصادق) عليه السلام: جعلت فداك ان أباك كان يقول: في الحج يحسب له (أي يُضاعف للحاج) بكل درهم أنفقه ألف درهم فما لمن ينفق في المسير إلى أبيك الحسين عليه السلام ؟
فقال عليه السلام: يا بن سنان يحسب له بالدرهم الف والف حتى عد عشرة ويرفع له من الدرجات مثلها، ورضا الله خير له، ودعاء محمد صلى الله عليه وآله ودعاء أمير المؤمنين والأئمة خير له).
* وفي المصدر السابق عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث طويل، قال: ( ..ومن زاره كان الله له من وراء حوائجه، وكفي ما أهمه من امر دنياه، وأنه ليجلب الرزق على العبد ويخلف عليه ما أنفق ..).
* أما التجربة .. فالكاتب من أهل العراق الذين يستقبلون الملايين من الزوار في كل عام .. وقد مضى لي بحمد الله ثلاثون عاماً في هذه الخدمة الشريفة .. فقد أدركت أيام المنع في منتصف التسعينات إلى اليوم .. ونسأل الله تعالى أن لا يحرمنا ذلك.
* وعندما أعود بذاكرتي لذكر الشواهد .. تأخذني الحيرة .. فذاك الذي سلمنا بيته لنجعله موكباً في وسط البساتين .. وعندما دخلنا وجدناه بدون فراش لشدة فقر الرجل .. ما مضت عليه سنوات إلا وهو يملك أربعة بيوت..!
* وذلك الذي كان يمسك اقداح الماء ويقف ودموعه جارية لأنه لا يملك غيرها .. يدير اليوم أموالاً بالملايين ..
ولو كان بحثي الأصلي لهذا الموضوع لخصصت له مجالاً أذكر فيه عشرات الشواهد .. ولكن حسبي بما قاله أحد تجار الجملة حين أخذنا منه مبلغاً ضخماً .. فقلت له (اليوم خسفنا الميزانية) فرد مبتسماً ( أكلك عن تجربة .. ويه الحسين كلشي بحسابه .. والوحده يرجعها بعشرة).
(مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ).
يتبع في الحلقة الثانية.
https://t.me/AiliaEmame1185

تعليقات
إرسال تعليق